كان ذلك في فصل الشتاء في ضاحيه من ضواحي بغداد , حيث عاشت سيده فاضله كانت كبيره بالسن وقد سكنت لوحدها في بيت متواضع منعزل عن باقي البيوت. وفي يوم من الايام كان الطقس باردا جدا وماطرا وقد أطفئت الانوار في تلك اليله من شدة الصقيع والبرد فأسرجت السيده العجوز في البيت سراجا خفيفا تستطيع من خلاله الرؤيه والقيام بأعمال البيت.
قارب الوقت منتصف الليل ، فذهبت العجوز الى سريرها لتنام ، وفجأة سمعت صوت الباب يهتز فقالت في نفسها لعل الريح الشديده دفعت الباب فاهتز بسبب ذلك ثم بعدها بلحظه قصيره اندفع الباب بقوه ليدخل سارق الى البيت كان هذا اللص شابا يتمتع بقوة بدنيه كبيره , فهجم عليها وهددها بعدما أمسكها بشده من يدها ، حيث كانت تتالم من شدة قبضته , فقالت له السيده العجوز وهي تتالم على مهلك يا بني فاني امراه عجوز ضعيفة الجسم ولا أقوى على شيء ,ولكن يابني أترك يدي ودعني أتحدث اليك وبعدها خذ ما تشاء من المال.
ترك الشاب يدها وجلس لتتحدث اليه السيده العجوز فقالت له يا بني لا أحمل عليك بما فعلته لي فقد عذرتك لعلك بحاجه ماسه الى المال ، ولكني اقول لك يابني انك في يوم من الايام سوف تكون مثلي شيخا كهلا ضعيفا لا تقوى على شيء , فاذا رحمتني سوف يرحمك الله ولا يعذبك فالسرقه حرام يا بني ولا تدوم, وكم ستبقى على هذا الحال من عمرك سارقا.
فلذلك يابني بما ان السرقه حرام ولا تدوم انصحك وانت شاب ان تعمل وتجتهد في أيام شبابك لترتاح عند الشيخوخه وعند الكبر عندما تكون مثلي عجوزا ضعيفا لا تقوى على شيء ,هذه نصيحتي لك يا بني لعلها تنفعك في يوم من الايام.
أخذت السيده العجوز مبلغا من المال واعطته للسارق الشاب وقالت له بلطف خذ هذا المال لعله يساعدك في قضاء حاجه لك بهذه الدنيا .
عندما رأى السارق سماحة السيده العجوز ورقة معاملتها وطيبة قلبها وحسن كلامها معه تأثر تأثرا شديدا من معاملتها الحسنه وكرمها معه وطأطأ رأسه خجلا.
اعتذر لها على ما فعل معها وقال لها ايتها السيده العجوز كان يجب علي أنا الشاب القوي أن أعطيك المال وأساعدك ولست انت, ثم ارجع لها المال الذي أعطته إياه
واخذ بنصيحتها له ، ووعدها ان لا يسرق بعد اليوم , وسوف يحاول ان يجد عملا شريفا يستطيع من خلاله العيش بكرامه ،وعاهدها على ذلك ، وشكر لها نصيحتها له ثم افترقا .