أحـقـّا ً إنَّ عذابَ جهـنمَ
أشـَــدُّ قسـْوة ًمـن عَذابي
حين تـَعَـذرَ عليّ توديع ُ أمي ؟
آه ٍ ... لو أنَّ ساعي بريد ِ الآخرة ِ
قد وضعَ الرسالة َ في صندوق عمري
لا على وسادة أمي ..
أشـقـّائي غـطـّوها بلحاف ٍ سـَمـيك ٍ من التراب ..
ربما
كي لا تـَسـْمعَ نحيبي
وأنا أصرخ في البريّة ِمثلَ طفل ٍ ملدوغ ٍ : أريد أمي
فتبكي ..
لسـْت ُ ثـَمِـلا ً ..
فلماذا تنـظرون َ إليَّ بازدراء ٍ
حين سـقـَطـْتُ على الرصيف ؟
مـَنْ منكم لا ينزلقُ مـُتـَدَحْـرِجا ً
حين تتعثـَّرُ قدماه بورقة ٍ أو قطـرة ِ ماء ٍ
إذا كان يحملُ الوطنَ على ظـهْـره ِ
وعلى رأسـِْه ِ تابوتُ أُمِّــه ؟
يا كلَّ الذين أغضـْبْتـُهم يوما
من أصدقاء طيبين .. ومجانين .. وباعة خضروات ..
وطلبة ٍ .. وزملاء ِ طباشيرَ وأرصفةِ منفى :
إبعثوا إليَّ بأرقام هواتفكم ..
فأنا أريدُ أن أعتذر َ منكم
قبل ذهابي للنوم ِ
في حضن ِ أمي
وأنتم أيها الهمجيون
من متحزِّمين بالديناميت .. وسائقي سيارات مفخخة ٍ ..
وحَـمَلـَة ِ سواطيرَ وخناجرَ :
كفى دويَّ انفجارات ٍ وصخبا ً ..
إنَّ أمي لا تحبُّ الضجيج ..
الطيبة أمي ما عادت تخاف من الموت ..
لكنها
تخاف على العصافير من الشظايا ..
وعلى بخور المحراب من دخان الحرائق
حين أزور أمي
سأنثر على قبرها قمحا كثيرا ..
أمي تحب العصافير ..
كل فجر ٍ :
تستيقظ على سـقسـقاتها ..
ومن ماء وضوئها : كانت أمي
تملأ الإناء الفخاري َّ تحت نخلة البيت
وتنثر قمحا وذرة صفراء
في صِـغـَري
تأخذني معها إلى السـوق ..وبيوت جراننا ..
وإلى الأئمة
حين تزور الأضرحة َمحملة ً بالنذور الشحيحة ..
حتى وأنا في مقتبل الحزن
لا تسـافرُ إلآ وأنها معها ..
لماذا إذن سافرت وحدها نحو الملكوت ؟
ربما
تستحي من ذنوبي ..
آه ٍ
من أين لي بأم ٍ مثلها
تسـاعدني في غسـل ِ ذنوبي
بكوثر دعائها حين تفترش سجادة الصلاة ؟
يا أحبّـائي الطيبين
لا تسـألوا الله أن يملأ صحني بخبز العافية ..
وكوزي بنمير الإنتشاء ..
فأنا الان بحاجة إلى :
صـَبْر رمال الصحراء على العطش ..
وتجَـلـُّد ِ بغل ٍ جبليٍّ ..
وبلادة خروف ..
<H1>شاهدة قبر من دموع